آخر الأخبار

جاري التحميل ...

* الأسـكنـدر الـمقـدونـي و الـقنــاة ..!!

 قصة القناة ؛ بين المرة والبردويل... لكن القدر لم يمهل الإسكندر.  !






قبل ظهور الإنسان وفي العصور الجيولوجية سحيقة القدم، لم تكن صورة خريطة مصر كما استقرت عليه في عصور ما قبل التاريخية، فقد كان البحران الأحمر والأبيض بعد ظهورهما على الأرض، يتصلان وينفصلان نتيجة حركات القشرة الأرضية التى تحدث على مدى ملايين السنين، فيتغير شكل الخريطة تبعًا للتغيرات الجيولوجية. 

قاوم المصريون الفرس، لكنهم لم يفرزوا بطلاً يلتفون حوله ليحققوا استقلالهم، لكنهم انتظروا بطلاً يأتى من وراء البحار من اليونان "الإغريق" الذين طالما عاشوا بينهم منذ عهود طويلة ولم يعودوا غرباء عنهم رغم اختلاف لغتهم وثقافتهم ولون بشرتهم نسبيًا، رغم أن اليونان كانوا يرون في أن مصر هي منبع الحكمة وأن المصريين هم أقدم البشر، كما أقر بذلك حكماؤهم سولون وأفلاطون وأرسطو. 

وكان الإسكندر بن فيلبب قد خبر طبيعة المصريين وكان هذا الملك اليوناني مبشرًا بملك العالم ولا يتسنى لتلميذ أرسطو أن يحكم العالم بالقهر والاستعباد، فلم يكن هذا الفتى المقدوني المبهر، ليخوض المعارك عن باطل، بل كان حاملاً لشعلى الحضارة وجاء في وقت احتاج العالم إلى الملك الفارس الحكيم وهو قد ورث الفروسية من أبيه العظيم، كما ورث الحكمة من أستاذه الأعظم أرسطو.
وقد أحب المصريون الإسكندر وأحبهم، فلم يكونوا هم ولا كنهتهم بالمجبرين على قبول الإسكندر وهم من قبل قد استنزلوا اللعنات على الغزاة قبله وقاوموهم ولم يعترفوا لهم بسلطان إلا غصبًا للعامة أو نفاقًا من البعض، وما ذكر قمبيز ببعيد، فهذا هو الإسكندر يسافر بنفسه إلى معبد آمون في سيوة على غير مقصد قمبيز، فيكرم آمون ويسجل زيارته لقاعة التنبوءات كحدث تاريخي يقرن ذكر الإسكندر باسم آمون كأب له على عادة ملوك مصر. 
 
ويتم تتويج الإسكندر بن آمون فرعونا لمصر بعد دخوله في عام 332 قبل الميلاد، ليخرج من تحت أيدى الكهنة المباركين لملك بلادهم الإسكندر الأكبر ليكون أقوى ملوك الأرض ويبلغ منها بجيوشه مالم يبلغه غيره.
وراح الإسكندر الأكبر ملك الأرضين وصاحب التاجين، يبحث عن طريق لسفنه لتسلك البحر المتوسط إلى البحر الأحمر، فالسفن لا يمكن أن تظل حبيسة البحر راسية أمام ميناء الإسكندرية التى بناها لتكون عاصمته في مصر والتى ارتبط بها اليونانيون على مدى العصور، وحتى يجد الإسكندر طريقًا مائيًا مباشرًا من البحر المتوسط للأحمر مباشرة، بدأ في تطهير مجرى القناة القديم وفي الوقت نفسه فكر في حفر قناة من بحيرة سيربونيس "البردويل" إلى بحيرة التمساح فالبحيرات المرة فخليج السويس. 

وكان الإسكندر بفكرة حفر قناة البردويل، هو أول صاحب لمثل هذه الفكرة وهي كانت ستخدم السفن القادمة من المواني على ساحل البحر المتوسط الشرقي، حيث أعظم مواني العالم القديم مثل صور وصيدا وببلوس "الجبيل" وأوجاريت "رأس شمرا" وكذلك مواني سواحل كيليكيا. 

ولكن الإسكندر سرعان ما وافته منيته بعد أن أوغل في فتوحاته في آسيا، ليخلفه على عرش مصر أحد أمهر قواده بطليموس "سوتير" رأس البطالمة الذين حكموا مصر قريبًا من ثلاثة قرون من الإسكندرية وقد حدثت نقلة اقتصادية هائلة في عهد سوتير بقيامه بسك أول عملة معدنية في تاريخ البلاد، على غرار ما كان قد فعله أهل ليديا على عهد ملكهم كورسيوس كما قيل أو قبله فتحولت أساليب التجارة هذا التحول الجوهري التاريخي الممتد عبر القرون والأجيال. 

كما أنه اهتم بشبكة الري وتطوير أساليب الزراعة حتى تمكن المصريون من زراعة الأرض مرتين في العام.
ورغم إقامة ملوك البطالمة في الإسكندرية وانفصالهم في عاصمتهم الجديدة، إلا أن المصريين تعاملوا معهم على أنهم امتداد لملوك الفراعنة، خاصة أن البطالمة أعلوا من شأن المعتقدات الدينية المصرية وشيدوا المعابد لآلهة المصريين واتخذوا الألقاب الملكية التقليدية. 

وجاء بطليموس الثاني "فلادليفوس" ليسير على نهج الإسكندر وأبيه مع المصريين، فقام بإعادة حفر القناة وتوسيعها من الفرع الشرقي للنيل حتى البحيرات المرة وتغلب على السد الرملي الهائل بين البحيرات والخليج، فشق خلاله قناة عريضة تسمح بمرور سفينتين متقابلتين بسهولة، فسارت السفن في مياه البحرين عبر القناة والنيل ذهابًا وإيابًا وكان فلاليفوس قد أنشأ ميناء "هيروبوليس" في "كليسما" في موضع السويس حاليًا. 

وعادت الأسواق تعم بخيرات الشرق والغرب وعاشت مصر تحت حكم البطالمة لتعود كموقع لممارسة دورها الذي ميزها به التاريخ.
وفي أواخر عهد البطالمة تدهورت حالة القناة، حتى لم تعد صالحة للملاحة وتوقفت تماما في عام 48 قبل الميلاد وحتى سقط العرش البطلمي بنهاية مأساوية لآخر الملكات "كليوباترا السابعة" التى ربما كانت أقرب البطالمة للمصريين والوحيدة تقريبا التى تعلمت لغتهم وأجادتها وبعدها فقدت مصر استقلالها ولم تعد تحكم من داخل أراضيها، بل بالغ الرومان في إذلالها وجعلها في مرتبة أقل من مرتبة الولاية!. 

وحتى الإمبراطور تراجان وهو من أعظم أباطرة الرومان أعمالا "98: 117 بعد الميلاد" لم يكن أحد يفكر في عودة الملاحة للقناة، فشرع في حفر قناة جديدة من مجرى النيل الرئيسي مباشرة بجوار حصن بابلياالوثني أو المسيء ون "منطقة مصر القديمة حاليًا" والذي بناه تراجان نفسه وحتى البحيرات المرة. 

وكالعادة مع كل حفر وتجديد للقناة اذدهرت الحركة التجارية، لكن هذا الاذدهار لم يجن ثماره الشعب المصري الذي انزوى في الداخل وتدهورت أحواله وصار من أكثر شعوب العالم تخلفا تحت نير الاضطهاد الروماني الذي لم يسبق له مثيل في كل العصر الروماني سواء الوثني أو المسيحي وارتكبت مذابح في موجات الاضطهاد مازال التاريخ المصري عامة والكنسي خاصة يئن من أجلها ولبست مصر السواد عهودا طويلة وطمرت الرمال معالم حضارتها وكاد ينساها التاريخ مع أنها كانت جوهرة التاج الروماني وانزوي المصريون إلى الدرجة الثالثة من درجات المواطنة وعانوا الغربة والاضطهاد والجوع وبلادهم سلة خبز الإمبراطورية وجنى الرومان وحدهم خيرات الأرض والقناة. 

وفي سنة 400 ميلادية مع ظهور ملامح الشيخوخة على الإمبراطورية الرومانية البيزنطية، كان قد عفي أثر قناة تراجان وثقلت وطأة الا ضطهاد والإهمال على كل شيء في مصر وظل الفلاح المصري فى الأرض يبذر ويرعى ويحصد لموائد السادة الرومان.

عن الكاتب

مُصطَفـيَ شـوقـيَ

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة لـ

~| مَـعَ🖊قَلَمِـيّ|~🥊🥇🎬

2017